عبارة “دينامية الجماعات” هي من وضع الباحث الأمريكي – الاألماني كيرت لوين – وتعني تلك القوى النفسية والجماعية المتعددة والمتحركة والفاعلة، التي تتحكم في سيرورة الجماعة، والتي يمكن التعرف عليها، بل وقياسها أحيانا”. كما تستعمل عبارة “دينامية الجماعات” للتعير عن مجموع الطرائق التي تسمح بالتأثير على شخصية الفرد والجماعة”. إذ يكون الهدف منها مساعدة بعض الأفراد الخاضعين لها على إدراك واع للطواهر التي تعيشها الجماعة وعلى تغيير مواقفهم وتطويرها تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين. فهي لا تكفي بأن تكون معارف نظرية تهم الجماعات الصغيرة وإنما تسعى كذلك لأن تكون أسلوبا للمعالجة النفسية والاجتماعية.
كما يميز جون كلود فيلو بين “دينامية الجماعات” كممارسة علمية للمبادئ والقوى التي تتحكم في الجماعة وبين “دينامية الجماعة” باعتبارها تلك السيرورة التي تعرفها الجماعة بفعل تفاعل متغيراتها. ولا تعني الجماعة نها ركاما من الأشخاص، وإنما تعني مجموعة من أو كتلة من الأعضاء المترابطين والمتفاعلين عن وعي أو عن غير وعي في حقل سيكوسوسيولوجي معين من خلال معتقداتهم وقيمهم ووسائلهم وأهدافهم. وبفضل التطور الذي عرفته العلوم الإنسانية في بداية القرن العشرين وسعيها لأن تكون موضوعية كباقي العلوم الأخرى، كانت “دينامية الجماعات” إحدى الخلاصات التي جاءت نتيجة التقاء علم النفس بعلم الاجتماع فيما يسمى “علم النفس الاجتماعي”. وذلك بعد أن تبين للباحثين أن الجماعات تتميز ببعض الظواهر النفسية التي ليست هي بالضرورة مجموع نفسيات الأفراد المكونين لها، فشرعوا في وضع القوانين المنظمة لها، ولم تبق خاضعة لتأمل الفلاسفة كما كان الحال سابقا.
ولا يمكن في هذا المجال، إنكار الدور الذي قام به دوركايم في دراسة المؤسسات المجتمعية والقوى المحركة لها، وكذا الدور الذي قام به فرويد، من خلال التحليل النفسي، والذي تمت الاستفادة منه، في تفسير العديد من المكونات الشعورية والظواهر العلائقية على مستوى سلوكيات الجماعات الصغيرة. كما ينبغي الإشارة إلى التأثير الذي مارسته العلوم الفيزيائية على يد كيرت لوين في صياغته لنظرياته حول الجماعات، ومن هذه العلوم على الخصوص، أخذت “دينامية الجماعات” تسميتها وطريقة مقاربتها لموضوع دراستها. وتبدو هذه المقاربة داخل، مثلا في وضع الظاهرة المدروسة داخل حقلها أو محيطها الذي تتفاعل فيه، لمعرفة نوع العلاقات التي تربطها بهذا المحيط، والتي تجعلها في الوضعية التي هي عليها، وما هي نوع السلوكات التي تصدر عن هذه الوضعية أو تلك، وما هي نوع الضغوط التي تواجهها، وكيف يحافظ العنصر على توازنه داخل عدد من التيارات والقوى التي تجري في محيطه الحيوي.
– جمال الدين سريري، دينامية الجماعات: العلاقة داخل القسم، ضمن المدرس والتلاميذ أية علاقة؟ جماعة من المؤلفين، دار الخطابي للطباعة والنشر، ط, 3، 1991، ص.118-119.