حين قال أبو الطيب المتنبي:
القلب أَعلم يا عَذولُ بِدائه *** وَأَحق منك بِجَفنه وبِمائه
لم يقصد بالقلب ذلك العضو العضلي الذي يضخ الدماء في الجسم، وإنما قصد تلك الحاسة الباطنة في كيان الإنسان التي هي مستودع العواطف. وعلى هذا فالقلب قلبان: قلب هو عبارة عن عضلة لضخ الدم في الأوعية الدموية وتزويد الجسم بالأوكسجين والغذاء، ويقع عند البشر بين الرئتين في الحجرة الوسطى للصدر. أما القلب الثاني فهو تلك الحاسة الباطنة اتي تحب وتكره، وتعطف وتحنو، وتحزن وتأسو.. وهكذا.
وإذا كان من المعلوم لدى الخاص والعام ما يحدث لحاسة القلب من مرض وصحة، فإننا لربما لم نسمع عن شيخوخة هذه الحاسة إلا من إفادات معدودات. منها قول الشاعر أحمد شوقي: “تهرم القلوب كما تهرم الأبدان، إلا قلوب الشعراء والشجعان..”. نعم تشيخ الأبدان -وهذا معلوم- نتيجة تراجع خلاياها كلما تقدم الإنسان في العمر. وبهذه الشيخوخة يتراجع الجسد عن القيام بوظائفه تدريجيا. وتفيد الدراسات الطبية أن هذا التراجع يظهر أولا في الجهاز العضلي الحركي، فالعينين والأذنين وهكذا..
أما عن شيخوخة القلوب فنعثر في التقارير الطبية التي تشير إلى عوامل كثيرة تعمل هدما في هذه العضلة الرقيقة الحساسة في جسم الإنسان كارتفاع ضغط الدم والبدانة والتوتر، والأكل غير الصحي، والتدخين، وغيرها من الأسباب المزعجة للقلب.
وفي الجانب الآخر من مدلول القلب بما هو مستودع الحب والعواطف والرقائق والمعتقدات والأحزان والأسى… حدثونا عن شيخوخته؟ وكيف يشيخ؟ وبم يشيخ؟ وهل من دواء لشيخوخته؟
- عبد الغاني العجان