- ما معنى أن يكون التلميذ تلميذا؟
يتساءل الباحث المغربي الحسن اللحية: ما معنى أن يكون التلميذ تلميذا؟ ربما نلتمس طريقنا – يردف اللحية – إلى الجواب في تأمل الصورة التالية: حين يعاقب المدرس تلميذا فنسأله قائلين: لماذا عاقبت التلميذ الفلاني. يرد علينا: إنه لا يتصرف كتلميذ.؟ إن هذا الجواب التلقائي يكثف الرؤية للتلمذة التي قد تعني الاستماع الجيد لقول المدرس، والتصرف اللائق، وحفظ الدروس، واحترام الغير وقواعد المؤسسة والتجهيزات، والقيام بالواجبات، واحترام الوقت والحضور الضروري، وإلزامية الحفظ والقيام بالمطلوب…
حدد فيليب بيرنو مختلف الإكراهات التي تعرفها المؤسسة المدرسية التي من شأنها أن تجعل من جمهورها يخضع لمهنة لها قواعدها ومقاييسها الدقيقة: غلاف زمني قار يخضع لإيقاع الجرس، الغيابات والتأخرات المعاقب عليها، الواجب القيام به في القسم أو في المنزل، الاتقانات المنقط عليها فرديا، التوجيه، بنية السلطة داخل القسم وفي الفضاء المدرسي… والحاصل أن مهنة التلميذ أكثر تعقيدا من متابعة المنهاج الدراسي.
- صور التلميذ سوسيولوجيا:
تستعمل حرفة التلميذ في سوسيولوجيا التربية الفرنسية كثيرا بينما تندر في نظيرتها الأنجلوساكسونية. هناك ثلاث صور للتلميذ، حسب سيروتا السوسيولوجي الفرنسي، هي:
* الوريث: تعكس الاختلافات الثقافية بين التلاميذ في الوسط الاجتماعي، كل تلميذ يحمل كفايات تكتسب اجتماعيا قريبة مما تكتسبه المؤسسة المدرسية، كل تلميذ يرث رأس المال الثقافي لأسرته بدون عمل.
* استراتيجي: ينظر إلى التلميذ كاستراتيجي يختار وهو في سوق الخبرات الفكرية والثقافية المسار الأمثل للتوجه للممكن، فهو يقيس التكاليف ويستثمر في الفرص لاختيار أحسن الحلول.
* المستهلك: يعد التلميذ وآباؤه غاية لسمعة المدرسة المدرسية، فهما ينتقيان ما يناسبهما.
- ماذا تعني مهنة التلمذة؟
وهناك من بيَّن كفيليب بيرنو، بأن التلمذة لا تقتصر على اكتساب المعارف والمهارات ولكنها تطال اكتساب قواعد عدة. ولكن لابد من الإقرار بأن العمل المدرسي يختلف عن غيره من الأعمال، فهو من جهة أولى ليس له منفعة مباشرة ظاهرة للعيان، ومن جانب ثان فإن معظم المهام لا يقررها التلاميذ لأنها مفروضة من قبل المدرسين والنجاح فيها لا يضمن أي راتب مباشر.
ثم إن إنجاز هذه المهام يمون متقطعا: العمل المفروض المتقطع، المتكرر والمراقب… لذلك يلجأ التلاميذ حسب بيرنو إلى استراتيجيات منها:
* أن التلميذ يقبل بمنطق النظام بامتثاله له دون طرح الأسئلة ولا مناقشة الأمر؛ وبذلك يفوز بثقة المدرس الذي يترك له جراء ذلك بعض الاستقلالية؛
* أن التلميذ ينجز المهام المطروحة عليه بالسرعة الممكنة ليتفرغ لشيء آخر؛
* أن التلميذ لا يرفض العمل بوضوح لأنه يبحث عن طرق ملتوية لتوقيفه؛ فهو يعطي الانطباع بأنه منهمك في العمل دون بذل المجهود؛
* أن التلميذ يعلن بأنه غير كاف وغير قادر على فهم المهمة، وهو بذلك يربح الوقت حينما يكون المدرس منشغلا مع غيره؛
* أن التلميذ ينكر أهمية العمل المطلوب منه، ويرفض بوضوح القيام به بطرحه لمبررات كثيرة (كالعياء وانعدام الرغبة والميل للدعابة)؛
إن حرفة التلميذ تستحضر استراتيجيات كثيرة للوصول إلى الفهم الأفضل واستعماله لصالحه مختلف الكيركيلومات المطروحة في المدرسة وخاصة المنهاج الخفي.
- إعداد عبد الغاني العجان
المرجع- الحسن اللحية، الامتحانات المهنية، ص. 22-23.