عالم القرية، المدرسة وتعليم الفتاة:

       يعد التحاق الفتيات بالتعليم -حسب براون- محكا أساسيا على طريق التقدم الاجتماعي، فبدونه لا يمكن أن ينجح “التخطيط العائلي” أو يتحقق إدماج المرأة في إطار قوة العمل، لكن تناول وضعية تعليم الفتاة في البلدان النامية وبالأرياف على الخصوص، هي مناسبة لإبراز حرمان الفتاة من التعليم نظرا لوجود حواجز ثقافية. وهي ظاهرة لا تعرف نوعا من التجانس بين هذه البلدان، وقد بين براون، أن بلدان السلفادور وبوتسوانا، تعرف ارتفاعا في تسجيل الإناث في المدارس الابتدائية وضعفا في تسجيل الذكور، ويقع هذا بالخصوص في الفئات الاجتماعية الضعيفة، ويبين هذا الأمر تراجع المكانة المعطاة للتعليم لدى هذه الفئات، وهو وضع يخالف الطموح إلى التجانس الذي تطمح الطبقات الوسطى إلى وضعه بين التربية المنتقاة والموقع الاجتماعي. ويعزى نفوق تسجيل الإناث في مدارس بلدان إفريقية وأمريكية، إلى انخراط الأطفال والشباب الذكور، بصورة مبكرة في عالم الشغل، بسبب الجاذبية التي مارستها عليهم مناجم الذهب، لأن العمل فيها انعكس سلبا على تمدرسهم كما هو الحال في جنوب إفريقيا…

    يمكن القول إن الأبحاث السوسيولوجية والاقتصادية كشفت معالم التحولات العميقة التي عرفها المجال القروي المغربي بعد تغلغل الرأسمالية الاستعمارية، سواء على المستوى الثقافي، وخاصة اللغة والعلاقة بالقانون الفقهي والعرف أو المستوى الاقتصادي وتحديدا تفويت الأراضي للمعمرين، ونزع الملكيات من السكان المغاربة. هكذا وأمام تحصن الإنسان القروي بثقافته لمجابهة الاستعمار، قامت الاستراتيجية الاستعمارية كما يصورها ليوطي على نظرية التطور البطيء التي ترتكز على عزل العالم القروي عن العالم الحضري. وقد تجلى هذا العزل على المستوى التعليمي بوضع مدارس زراعية مهنية ومدارس ابتدائية في القرى، توخى منها نظام الحماية، توجيه التلاميذ نحو التعليم الذي تعطيه هذه المؤسسات، فيما وضعت مدارس مهنية صناعية في المدن وأنشئت الكوليجات الإسلامية الموجهة لأبناء الأعيان.

    – محمد فاوبار، سوسيولوجيا التعليم بالوسط القروي، منشورات عالم التربية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2001، ص.83-84.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top