التكوين المهني والتكوين المستمر:

أخذ التكوين المهني والمستمر اهتمام الكثير من الباحثين والدارسين والهيئات في مجالات عديدة. وفيما يأتي عرض لأهم الأفكار المفهومية التي تخص هذين المصطلحين:

– التَّكْوينُ المِهْنِيُّ:

– التكوين المهني يعني أي نشاط يسمح باكتساب تأهيل مهني أو مجموعة من المؤهلات المهنية المحددة مهما كان نوعها، ويخص ذلك أي إنسان بالغ مستعد لأخذ منصب عمل أو شغل، بغض النظر عن مستوى أو نوعية هذا المنصب الذي سيشغله.

– هو عبارة عن تكوين نظري وتطبيقي في مختلف التخصصات المهنية يتوجه إلى الذين يرغبون في اكتساب كفاءات مهنية حتى يتمكنوا من الدخول إلى عالم الشغل، كما يتوجه إلى العمال الذين يرغبون في تحسين معارفهم ورفع مستوى تأهيلهم وكفاياتهم، وهذا تماشيا مع التطور الذي يشهده سوق العمل.[1]   

– هو مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى إعداد الأفراد للعمل سواء كأُجراء أو مستقلين، كما يتصل في الوقت ذاته بالإعداد للأعمال المهنية العامة وباكتساب خبرات خاصة، وهو يضم نواح وإجراءات تهيء القوة العاملة للتغيرات التي تحدث في الاقتصاد والمجتمع. كل هذا من أجل المقاومة الإيجابية للبطالة.[2]

– هو تزويد العاملين بالمهارات التي ترقى بأدائهم إلى المستوى الأفضل لتحقيق أهداف معينة، ويدور حول تحسين أداء الأفراد العاملين ولا يعني ذلك بحال من الأحوال تدني مستوى الأفراد، وإنما يعني أن هناك مستوى أفضل من الأداء يطمح للوصول إليه. وحيث إنه من الطبيعي أن يوجد تفاوت في أداء العاملين، فإن التكوين يوفر للمنظمة فئة متميزة في موظفيها تستطيع الاستفادة في زمن المنافسة والتحولات التكنولوجية. الأمر الذي يضمن استمرارية المنظمة في خدمة الشريحة المستهدفة بخدمته. وطالما أن التطور الوظيفي هدف يسعى إليه العاملين جميعهم فإن التكوين هو الوسيلة المثالية التي تساعدهم على الوصول لمناصب عليا.[3]

من منطلق هذه التعاريف يمكن تعريف التكوين المهني بصفة عامة، بأنه جملة من النشاطات التي تهدف إلى اكتساب معارف ومهارات وسلوكيات يحصل عليها العامل أو المتكون، من خلال دروس نظرية وأعمال تطبيقية يوجهها المتخصص بالمهنة تجعل المتكون قادرا على مزاولة حرفة ما، وهو عملية شاملة تضم جوانب نفسية وفنية واجتماعية.[4]   

يعد التكوين بالتدرج المهني نمطا من أنماط التكوين المهني، وهو منظم بموجب القانون 12:00، ويرتكز على تكوين تطبيقي يتم بالمقاولة بنسبة 80% على الأقل من مدته الإجمالية، ويتم بنسبة 10% على الأقل، من هاته المدة، عبر تكوين تكميلي عام وتكنولوجي منظم بمراكز التدرج المهني.[5]

التَّكْوِينُ الْمُسْتَمِرُّ:

التكوين المستمر Formation Continue مثل غيره من المفاهيم التي نجد أنفسنا ونحن نقاربه، أمام زخم من غير متجانس من التحديات، تضاعف المشاكل التي تطرحها عملية الترجمة من تعقيدها. إن هذه الفوضى المصطلحية ليست وليدة التداول غير الدقيق في مجال التربية، بل أبعد من ذلك، ويتجلى الأمر من خلال الأدبيات التي عالجت الموضوع، وكذا من خلال المعاجم المتخصصة التي لم يستطع واضعوها حل إشكالية الحدود الفاصلة بين مثلا –التكوين المستمر FC، وإعادة التكوين  Recyclage، والتكوين الدائم F.permanante، وغيرها من المفاهيم.[6] 

يستعمل التكوين المستمر “للتعبير عن جميع أنواع وأشكال التعليم أو التكوين لصالح جميع الذين غادروا نظام التربية في مستوى معين كيفما كانت المستويات ومارسوا مهنة ما أو تحملوا مسؤوليات البالغين ي مجتمع ما (Baudine,1996)” كما يستدل به “على كل الأنشطة النظرية والتطبيقية المنظمة من طرف جهاز رسمي لفائدة فئات معينة من المدرسين، إما في أوقات عملهم أو خارجها. انطلاقا من أهداف واضحة ومحددة، غايتها الرفع من مستوى قدراتهم الفكرية والمهني. (الفارابي وآخرون)”.

وإلى جانب ذلك نجد في بعض المعاجم المتخصصة في التكوين المهني والتقني “مصطلح التكوين المهني المستمر” الذي يقصد به تكوين ما يتم تنظيمه من طرف مؤسسات التعليم أو يتمحور حول اكتساب وتعميق المعارف المهنية والتكنولوجية وتجديد التقنيات وتطوير المهارات(Baudine,1996). “كما أنه يتم تداول مصطلح التدريب للدلالة على كونه يشكل “التنمية المنتظمة لنموذج من المعرفة والمهارات والاتجاهات لشخص ما لكي يؤدي الأداء الصحيح للواجب أو للعمل الذي أسند إليه، وهو غالبا ما يتكامل بزيادة واستمرارية التعلم.(بدوي ومصطفى كمال)”[7]  

والتكوين المستمر بهذه التعريفات “هو كل الأنشطة النظرية والتطبيقية المنظمة من قبل جهاز رسمي لفائدة فئات معينة من المدرسين، إما في أوقات عملهم أو خارجها، انطلاقا من أهداف واضحة ومحددة، غايتها الرفع من مستوى قدراتهم الفكرية والمهنية بأساليب متنوعة كاللقاءات، والتداريب على المستوى العام، إلى تحسين وزيادة مردودية التعليم وجعله ملائما للمتطلبات المتجددة من جهة، ومنسجما مع العلوم التربوية من جهة ثانية.”[8]

        “يقصد بالتكوين المستمر، في قطاع التربية الوطنية، مجموع عمليات رصد وتعزيز القدرات والمهارات والمواقف الهادفة إلى تحسين وتجويد الممارسة المهنية –التربوية أو التدبيرية أو التقنية- بعد تولي المهام وخلال ممارستها، ويشمل عموم الأنشطة التربوية والتدبيرية المنظّمة لفائدة العاملين في مجال التربية والتكوين من أجل تعزيز معارفهم وتقوية مهاراتهم والرفع من أدائهم المهني.

وبذلك يعد التكوين المستمر أداة للتنمية المهنية تلازم المسار المهني للفاعل التربوي على شكل مسلسل تأهيلي متواصل، ونظام للتطوير التدريجي للممارسة المهنية الناجعة.”[9]  

 -إعداد. د. عبد الغاني العجان


[1] – بن يمنية سومية، تمثلات تلاميذ التعليم الثانوي نحو التكوين المهني، رسالة لنيل شهادة الماستر في علم الاجتماع، جامعة عبد الحميد بن باديس، مستغانم، السنة الجامعية 2017-208، ص.18.

[2] – بن عزة محمد، مجلة الحكمة للدراسات الاقتصادية، عدد 21، 2013، ص.78.

[3] – السعيد مبروك إبراهيم، تدريب وتنمية الموارد البشرية بالمكتبات ومرافق المعلومات، الطبعة الأولى، 2012، ص. 85.

[4] – بن يمنية سومية، تمثلات تلاميذ التعليم الثانوي نحو التكوين المهني، ص.18.

[5]-https://www.mostajad.com/2017/07/2015-2030.html

[6] – فوزية عدنان، التكوين المستمر رؤية جديدة، مجلة علوم التربية، عدد 60، أكتوبر 2014، ص. 96.

[7] – أحمد القصور والعربي الهداني، التكوين المستمر بقطاع التعليم المدرسي من أجل نظام كفيل بتحقيق الفعالية المنشودة مجلة علوم التربية، عدد 39، يناير 2009، ص.21.

[8] – فوزية عدنان، التكوين المستمر رؤية جديدة، مجلة علوم التربية، عدد 60، أكتوبر 2014، ص.96-97.

[9] – الاستراتيجية الوطنية للتكوين المستمر بقطاع التربية الوطنية، ص. 3.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top